مقابلة وكالة البوصلة الإخبارية مع د.عبدالحميـد القضـــاة
حيثما انهارت الأخلاق انتشرت الأمراض المنقولة جنسيًا والمخدرات
مشروع وقاية الشباب هو أحد مشاريع الإتحاد العالمي للجمعيات الطبية الإسلامية
هدفنا تأهيل مائة الف محاضر والف مدرب لنحصل سنويا على مليون محاضرة تثقيفية
استفاد من مشروع الوقاية للآن عشرون مليون وخمسمائة ألف شاب وشابة حول العالم
نسعى لتعريف الناس بحجم المشكلة وكيفية تثقيف الأبناء برؤية إسلامية علمية طبية
دوراتنا شارك فيها شباب ورجال دين مسيحيين في أكثر من دولة عربية واجنبية
توزيع “العازل” على الشباب لا يحميهم من هذه الأمراض بل يشجعهم على “الزنا”
منظمة الصحة العالمية: يُصاب كل يوم أكثر من مليون إنسان بأحد الأمراض المنقولة جنسيًا
الإحصائيات في الدول العربية والإسلامية حول أعداد المصابين بهذه الأمراض ليست دقيقة
الجسم الطبي ومؤسساته مقصرون في التوعية بخطورة الأمراض المنقولة جنسيا
مشروع وقاية الشباب لا يلقى أي ترحيب أو تعاون من أي جهة رسمية
عمان – حوار رائد الحساسنة
“بحرقة الأب على أبنائه وبحرقة المسلم على إخوانه ،لأنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”، أطلق المدير التنفيذي لمشروع وقاية الشباب الدكتور عبدالحميد القضاة نداء تحذيريًا إلى الأئمة والوعاظ، إلى المعلمين والمعلمات، إلى الآباء والأمهات، إلى كل دارسي العلوم الشرعية، إلى المدرسين في المساجد وإلى كل أبٍ وأم: ” التخطيط دقيق والمؤامرة كبيرة وشباب الأمّة في خطر”.
ويحذر الدكتور عبدالحميد القضاة في مقابلة أجراها معه “موقع البوصلة الإخباري” من أن “الجنس والانحلال عناصر الحرب القادمة”، التي تستهدف شباب الأمة في عفتهم وطهارتهم وأخلاقهم كما خطط أعداء الأمة لذلك منذ عشرات السنين.
“إزرع صح بتحصد صح”.. نظرية يؤمن بها الدكتور القضاة في الطريقة الأمثل لتربية الأبناء ووقايتهم والتركيز على المرحلة العمرية الأولى لأن العلماء يؤكدون أن 80% من ملامح شخصية الطفل تتبلور في الست سنوات الأولى.
ملفاتٌ عديدة وأسئلة كثيرة طرحناها على الدكتور القضاة الذي لم تنل كثرة الأسفار من همّته، ولم تنل العوارض الصحية من عزيمته، فهو دائم الاستعداد لنقل الوعي والعلم الذي يحمله لكل فرد من أفراد الأمة العربية والإسلامية وهو دائم الاستعداد للترحال حيثما دُعي لإيصال رسالة الخير التي يحملها مشروع وقاية الشباب.
خلال لقائنا به يشدك سعة اطلاعه وكثرة أسفاره حول العالم وما ترافق معها من قصصٍ تروى لتحفظها الأجيال وتأخذ منها العبرة، ليس هذا فحسب؛ بل تعجبك جرأة الرجل في طرق أبواب المسؤولين ووضع الإصبع على الجرح، وتقديم المبادرات والطاقات التطوعية لإسناد الدولة في واجبات ملقاة على عاتقها، أصبح مشروع الوقاية ومتطوعوه بقيادة القضاة يحملون الهمّ الأكبر منه.
ونحن في فريق تحرير “البوصلة” مدينون بالشكر للدكتور عبد الحميد القضاة الذي تشبث بسعة صدره وابتسامته التي لم تفارقه رغم توقف التصوير لعدة مرات لأسبابٍ فنية طارئة خارجة عن الإرادة، وواصل الإجابة على أسئلتنا في المقابلة بعفوية الأب الذي منح لقاءنا معه مزيدًا من الدفء والأريحية.
ولأن الحديث شيق جدًا، ولا يغني عنه نصٌ مكتوبٌ فسنترك لمتابعي “البوصلة” فرصة مشاهدة الحوار وما فيه من معلوماتٍ قيمة ومبادرات عظيمة تستنهض همّة الشباب والأمة بأجمعها لتعود كما كانت “خير أمّة أخرجت للناس”.
وتاليًا نص الحوار:
الدكتور عبدالحميد القضاة غنيٌ عن التعريف.. فإنجازاته وآثاره الطيبة في توعية المجتمعات العربية والإسلامية وخاصة فئة الشباب تسبقه أينما حلّ وأينما ارتحل.. في عجالة هل لنا أن نتعرف نحن ومتابعو البوصلة على بطاقتكم الشخصية؟
ابتداءً اسمح لي أن أتقدم لكم بجزيل الشكر في “وكالة البوصلة الإخبارية“، وللفريق كاملاً، على هذه الدعوة الكريمة الطيبة.
واسمح لي أن أذكر ما في نفسي عن “البوصلة” لأنها تتصدر الخبر الصادق الصريح، وتقول الكلمة الجريئة الصادقة، التي تبني ولا تهدم، فجزاكم الله خيرًا، وأرجو لكم المزيد، لأننا في هذا العالم نفتقد إلى الإعلام الصادق الحقيقي الذي فعلاً يبحث عن الحقيقة.
أما سؤالكم الكريم، حول بطاقتي الشخصية، فأنا عبدالحميد القضاة، من مواليد عين جنّة في محافظة عجلون، درست بداية في جامعات باكستان، وحصلت على ثلاث شهادات علمية منها)، ثم ذهبت إلى بريطانيا وحصلت على دبلومٍ متقدمٍ في علم الفيروسات والبكتيريا، ثم الدكتوراة في علم تشخيص الأمراض الجرثومية وكانت رسالتي للدكتوراه عن مرض من الأمراض المنقولة جنسيًا وهو مرض السفلس (Syphilis).
خدمت في القوات المسلحة لمدة عامين وخدمت في جامعة اليرموك أستاذًا للجراثيم الطبية ، ثم تركت العمل الأكاديمي الرسمي، واتجهت إلى أعمال حرة خاصة في مجال المختبرات الطبية التشخيصية الموجودة الآن في إربد، ثم معها أصبحت مديرًا تنفيذيًا لمشروع وقاية الشباب التابع للاتحاد العالمي للجمعيات الطبية الإسلامية.
ما سر ارتباط الدكتور عبدالحميد القضاة وحبه الكبير للارتحال من أجل توعية الأمة وتثقيفها في المجالات الصحية كافة وخاصة “الصحة الجنسية” والتحذير من خطورة الأمراض المنقولة جنسيا ؟
أولاً، أنا أرتحل هنا وهناك،تبعا للدعوات الكثيرة التي اتلقاها من خارج الاردن، ولهذا وصل هذا العمل بفضل الله الى 48 دولة من دول العالم ،قدمنا فيه محاضرات ودورات باللغة العربية والإنجليزية، وألبّي هذه الدعوات لأن عليّ أن اُخرج زكاة علمي الذي منحني الله ، وسر كثرة الدعوات لأنهم أحبوا هذا المشروع وشعروا بنقص في التوعية حوله،وفائدته للشباب.ولازال لدي العديد حتى الآن من الدعوات المختلفة، فأنا الآن مدعو لكردستان وأوغندا وتركيا وإلى موريتانيا و الصومال وأما أندونيسيا وجنوب شرق آسيا فحدث ولا حرج، الدعوات الحقيقة لا يتسع لها وقتي لكثرتها ،ونحن في المشروع نعاني من قلة المحاضرين والمدربين الذين يجيدون اللغة الإنجليزية الى جانب اللغة العربية.
أما لماذا التركيز على وقاية الشباب؟، فالحقيقة للوقاية من أمور كثيرة، فهناك نوازل جديدة ظهرت مع انتشار الإنترنت وكثرة السياحة والاختلاط، وسرعة التواصل بين البشر، وشبكة الإنترنت جعلت العالم قرية صغيرة، ففاضت المعارف والعلوم والعادات والتقاليد من دولة إلى أخرى، فنتج عن ذلك إقتباس وتقليد بعض الممارسات التي لا يقرها ديننا الحنيف، فظهرت بعض المشاكل بسبب الإنحرافات السلوكية والوقوع بالزنا والشذوذ والإدمان على المخدرات والموادالإباحية، خاصة في الدول العربية والإسلامية،طبعا بعد أن استفحل الأمر في الدول الغربية.
أما التركيز على وقاية الشباب من الأمراض المنقولة جنسيًا، فالسبب أن تخصصي في علم الجراثيم وبالذات في مرض من الأمراض المنقولة جنسيًا وهو مرض “السفلس” الذي كان موضوع وعنوان رسالتي للدكتوراة في بريطانيا.
وقد ألفت كتابًا أثناء دراستي للدكتوراة في بريطانيا، بعد أن اطلعت على كمٍ هائلٍ من المعلومات التي شدتني كثيرًا حول اسباب انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا والتي لم أكن أعرف عنها الكثيرسابقا، ووجدت أنّها مشكلة عالمية عابرة للقارات وتؤثر على الإنسان حيثما كان، إذا لم يلتزم بأوامر الله تبارك وتعالى.
فهذا الموضوع شدني كثيرًا، لأن الزنا والشذوذ والمخدرات هي الأساس في نشر هذه الأمراض عند أولئك الذين لا يلتزمون بأوامر الله سبحانه، وهذه الممارسات كلها محرمة في الدين الإسلامي وفي المسيحية وفي الديانة اليهودية.
إذن من يُخالف أوامر الله بغض النظر عن معتقده، يُصاب بمثل هذه الأمراض، وألفت كتابًا اسميته: (الأمراض الجنسية عقوبة إلهية)، وهي عقوبة لفئة معينة تُدمن هذه الممارسات، وتنكر تحريمها من الله تبارك وتعالى، فهذه عقوبة إلهية عاجلة،(كذلك العذاب ولعذاب الأخرة أكبر لو كانوا يعلمون) وأمور كثيرة عن هذه الأمراض وردت في الكتاب يمكن الرجوع اليها.
ثم نمت معلوماتي كثيرًا مع الزمن والمخالطة على أرض الواقع، فألفت العديد من الكتب في هذا الموضوع وصلت إلى 24 كتابًا، وهي المادة الرئيسية التي نوزعها على الذين يتدربون معنا في مشروع وقاية الشباب.
أطلق الدكتور عبدالحميد القضاة مؤخرًا من خلال سلسلة هل تعلم صرخة تحذير للأمة يطالب فيها كافة المؤسسات والأفراد بتظافر جهودهم للوقوف في وجه مؤامرة تحاك ضد شباب الأمة تستهدف عفتهم وطهرهم.. ما هي القصة؟
أنا وجهت نداءً أكثر من مرة، تحت عنوان: (نداء.. نداء.. نداء) إلى الأئمة والوعاظ، إلى المعلمين والمعلمات، إلى الآباء والأمهات، إلى دارسي العلوم بشكلٍ عام ودارسي العلوم الشرعية بشكلٍ خاص، إلى المدرسين في المساجد، تحت عنوان: “الشباب في خطر”.
لماذا الشباب في خطر، لأنني اطلعت قبل أكثر من 10 سنوات على تقرير لـ “السي آي إيه”، نشر فيما بعد، عنوانه: “الجنس والانحلال عناصر الحرب القادمة”، وبالتالي إذا فسد شباب أي أمّة، فلا حاجة لا لطائرات ولا لدبابات لاحتلالهم؛ لأن الشباب يكونوا قد استسلموا واصبحوا عبيدا لشهواتهم، ولن يبقى عندها الدفاع عن اوطانهم وثوابت دينهم من أولوياتهم.
وبالتالي أنا قدمت هذه النداء لكل أبٍ وأم، ولكلّ إنسانٍ تربوي واعٍ، حتى ينتبه لتربية أبنائه، وتربية الأبناء لا تكون بعد سن المراهقة أو العشرين سنة الأولى، لا بل إن تربية الأبناء تبدأ منذ أول يوم يولد فيه الطفل، وكما يقول العلماء 80% من ملامح شخصية الطفل تتبلور في الست سنوات الأولى، ويقولون أيضًا: نحن نحصد سلوكًا من أبنائنا في فترة المراهقة كانعكاس لما زرعناه في الست سنوات الأولى، “إزرع صح بتحصد صح”.
وبالتالي، أنا أقول إن التركيز على التربية الصحيحة منذ الصغر ينشئ شبابًا منتميًا لدينه ووطنه وأمته، يدافعون بكل غالٍ ونفيسٍ عن بلادهم، ويفدونها فعلاً بأرواحهم، فكيف سيكون حالنا إذا فسد هؤلاء الشباب بسبب انتشار الملاهي الليلية ودور الخنا والزنا والانحرافات والتخبط في مستنقعات الرذيلة، وكل البنى التحتية التي تهيء لهذا كله تدبر بليل وبفعل فاعل، سواءً كان من الخارج أو من الداخل لإفساد الشباب.
وكما ذكرت بالنداء، فالأفلام الإباحية على الإنترنت، (قدروها ب(280) مليون فيلمًا إباحيًا)، هذه موجودة بين أيدي الشباب، والإنترنت الآن أصبح موجودًا بجيب كل شاب، وليس على كمبيوتره فقط، ولكن على هاتفه الذكي، إضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة جدًا، وكلها مركزة لاستغلال شهوة الشباب.
كما تعلمون فإن بروتوكولات حكماء صهيون تقول: “يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان، فتسهل سيطرتنا، إن فرويد منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس، كي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، فعند ذلك تنهار أخلاقهم”.
فرويد هذا ركز على الشهوة واستغلت ايما استغلال، لأن فترة المراهقة عندما يكون الشاب يافعًا، تكون الشهوة الجنسية ضاغطة عليه ، وليس لديه القدرة على الزواج، والاختلاط والتعري موجود في كلّ مكان، وليس هناك قانون لردعه عن الحرام، وليس لديه درجة من التقوى الحقيقية المتمكنة من نفسه حتى تبعده عن هذه الأمور، فكل شيء حول الشاب يدعوه ليقع في براثن الرذيلة وشياطين الأنس والجن يزينون له ذلك، خاصة أننا عقّدنا الزواج وزدنا المهور وأصبحت العنوسة كثيرة جدًا، كل هذه الأمور تدفع الشباب للوقوع فيما يُغضب الله تبارك وتعالى.
فإحسان التربية والتزام المربين بها ينشئ شبابًا منتميًا وملتزمًا ويدافع عن أمّته تلقائيا… وكانت هذه الصرخة، وهذا النداء ممّا رأيت في العالم العربي والإسلامي من انحلال وتشوه معتقدات عند الشباب، ومن شكاوى وأسئلة عجيبة وغريبة ، تنمّ عن حقيقة المعرفة الكاملة بالعملية الجنسية؛ لكنهم لا يربطونها بضوابط الدين والأخلاق بل بقضاء شهواتهم ولا غير، وقد وجد العلماء أنه حيثما انهارت الأخلاق انتشرت الأمراض المنقولة جنسيًا والمخدرات.
ولذلك أنا من حرقتي على بلدي وعلى المسلمين في كل مكان، البلاد العربية والإسلامية، والأقليات الإسلامية في الدول الأخرى، أذهب إليهم وأعطيهم جلّ ما أستطيع بحرقة الأب على أبنائه وبحرقة المسلم على إخوانه، ولأنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
هل لفضيلتكم أن يحدثنا عن مشروع وقاية الشباب، والاتحاد العالمي للجمعيات الطبية الإسلامية.. متى بدأ هذا المشروع وإلى أين وصل.. وما هي أهدافه المنظورة في المستقبل القريب؟
مشروع وقاية الشباب، هو أحد مشاريع الاتحاد العالمي للجمعيات الطبية الإسلامية، والاتحاد العالمي اتحادٌ يضم الأطباء الإسلاميين المبثوثين في العالم الذين يحبون عمل الخير للآخرين ، ويمارسون مهنتهم بمفاهيمها الإسلامية. وفي الأردن كان من أكبر رواده على الإطلاق المرحوم بإذن الله الأستاذ الدكتور علي مشعل – رحمه الله – الذي كان هو المدير التنفيذي لهذا الإتحاد العالمي، والآن خلفه الأستاذ الدكتور عمّار صبح، المدير العام للمستشفى الإسلامي في عمان، وإن شاء الله ليكون خير خلف لخير سلف.
هذا الاتحاد نشاطاته تعم العالم، وله مشاريع طبية علمية تعليمية واغاثية كثيرة ، وله يد طولى في عمل الخير والإغاثة والتعليم الطبي المستمر، ومن ضمن هذه الأعمال مكافحته “الإيدز” التي بدأت منذ سنين طويلة، وقبل خمسة عشر عاما وجّه لي المدير التنفيذي للإتحاد الأستاذ الدكتور علي مشعل رحمة الله كتابا رسميا لأكون خبيرًا متطوعا معهم في الاتحاد في موضوع الأمراض المنقولة جنسيًا والإيدز، وأن أمثّل الاتحاد في المؤتمرات العالمية في هذه المواضيع، وقد قبلت العرض مذ ذاك.
ثم تبلور الموضوع عندي إلى إيجاد مشروع للتعليم والتثقيف المستمر،له محاضرات ودورات، ندرّب الناس عليها، واسميناه “مشروع وقاية الشباب من الأمراض المنقولة جنسيًا والإيدز أولاً، ثم الوقاية من المخدرات و الإدمان على المواد الإباحية، والآن عندنا مجموعة كبيرة من الدورات ربما تصل إلى عشرة أنواع من نقدمها مجانًا للناس، نقدم لهم محاضرات وورشات وكتب ودروات وشهادة من الاتحاد أنهم حضروا وشاركوا في هذه الدورات، ويؤهلوا ليصبحوا محاضرين، ونطلب منهم أمرًا واحدًا فقط مقابل ذلك، هو أن الذي يصبح محاضرًا يُعطي عشر محاضرات سنويًا للناس حتى يُفيد المجتمع من حوله، وكل هذا الأمر نقدمه لهم مجاناً،ولنا منسقا للمشروع في كل بلدٍ وصلناه، ومنسق مشروعنا في الأردن هو الأستاذ مفيد سرحان،مدير جمعية العفاف الخيرية.
ورغم أننا بدأنا منذ فترة ولكننا نعتبر العشر سنوات الماضية هي التي أنتجنا فيها، وقد عمّمت على أعضاء فريق وقاية الشباب في العالم باللغتين العربية والإنجليزية، ليوافوني بعدد الدورات والمحاضرات التي قاموا بها، حتى نعمل نوع من الإحصائية التقريبية، فكان عندنا هذا التقرير المبدئي، الذي يقول بدراسة أولية، وجدنا الأمور التالية: عدد الدورات التي نفذناها حتى الآن، هي 830 دورة، وهذه الدورات أنتجت لدينا (40500) أربعين ألف وخمسمائة محاضرًا ومحاضرة، وقلنا إن كل محاضر يجب أن يُعطي عشر محاضرات سنويًا، وهؤلاء نفذوا اربعمائة وعشرة آلاف محاضرة متخصصة في الموضوع (410،000)، استفاد منها على مستوى العالم على الأقل عشرون مليون وخمسمائة ألف شاب وشابة (20،500،000)، في 48 دولة في أنحاء العالم، من 52 جنسية مختلفة.
والآن لا نقتصر على إيجاد تدريب لإعداد محاضرين وتجهيزهم فقط، بل نعمل على إعداد مدربين حتى يقوموا هم بالمهمّة بعدنا، إن لم أستطع أنا المواصلة، والحمد لله لدينا الآن أربعمائة مدرب ومدربة في ثمان دول مختلفة.
وزعنا حتى اللحظة مليون وخمسمائة ألف(1،500،000) من كتب المشروع التي طُبعت باللغة العربية والإنجليزية والأندونيسية والكردية، في الأردن والبحرين ومصر ولبنان وأندونيسيا وكردستان، تُرجمت وطُبعت، وكل واحد في بلده يطبعه على نفقته، والغالبية الكبرى طبعناها عندنا في الأردن على نفقتنا، وللعلم هذه الكتب لاحقوق طبع لها، فيمكن لإي فاعل خير أن يطبعها ويوزعها كصدقة جارية شريطة أن يكتب عليها (يُهدى ولا يُباع)
وزعنا مليونين (2،000،000 ) من المنشورات المطبوعة في العالم كله باللغتين العربية والإنجليزية، منها المكتوب، وبعضها معه صور مختلفة، على طلاب المدارس والمعاهد، ووزعنا (20،000) عشرين ألف قرص مدمج تم تصويرها تلفزيونيا، وجهزنا محاضرات متخصصة مصورة تلفزيونيا على أقراص ونسخنا منها الكثير لتوزيعها على الناس، بحيث الذي يخجل أن يعطي محاضرة عن مثل هذه الأمور، سواءً كان معلمًا أو معلمة، مجرد يضع السي دي أو الفلاش ميموري على الداتا شو وتعرضه للطلاب والطالبات.
أما تحميل الكتب، فلدينا الآن 34 كتابًا لخدمة المشروع، 24 منها ألفتها أنا والباقي ألفه المدربون والمحاضرون الذين دربناهم ولله الحمد، وهي محملة على موقع المشروع (www.qudah.com)، يمكن لأي مهتم بسهولة وبساطة أن يدخل إلى الموقع ويقوم بتحميل الكتب مجانًا كلها، مع الفيديوهات والمحاضرات وكل محتويات المشروع في الموقع موجودة لخدمة الناس مجانًا، ونرجو الله أن يتقبلها منا صدقة جارية. لم نستطع إحصاء عدد الذين حمّلوا الكتب والمحاضرات إلكترونيًا من الموقع، لأنه عدد كبير جدًا.
لدينا سلسلة من أربع قصص اسمها “لبيب ولبيبة والأسرة السعيدة”، وهي عبارة عن قصص حوارية ألفتها قاصّة مشهورة من أعضاء مشروع وقاية الشباب، اسمها “بسمة الخاطري” من سلطنة عُمان الشقيقة، وهي قاصّة على مستوى العالم العربي ،فازت بجوائز كثيرة، وقد ألّفت بالتعاون معنا هذه القصص بأجزائها الأربع، وفيها مفاهيم جنسية شرعية ،هدفها تعليم الأطفال الذين بين سن الثامنة والثانية عشرة، بعض المفاهيم الجنسية التي وردت في القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بلغة شرعية وحوارية.
ولدى المشروع مستشارا شرعيا متطوعا تُعرض عليه الكتب أولا ، لأننا نريد تحصيل الأجر والثواب وتعليم الناس كيفية التثقيف الجنسي الآمن للأبناء برؤية إسلامية ، وكيفية الابتعاد عن الوقوع بهذه الأمراض والإدمان على المخدرات أو الإدمان على المواقع الإباحية.
أما إعلاميًا، فقد كتبت آلاف الجرائد والمجلات بمختلف اللغات عن نشاطات مشروع وقاية الشباب، إضافة إلى 50 لقاءً تلفزيونياً باللغتين العربية والإنجليزية، وأكثر من 150 لقاءً إذاعيًا.
كما صورنا مواداً إعلامية كثيرة؛ منها سلسلة “هل تعلم”، في مائة وثلاثين حلقة ،التي بُث كثير منها، وتبُث الآن على فضائية اليرموك وتبث من خلال موقع البوصلة الإخباري، وهي عبارة عن حلقات مدتها سبع دقائق، ومعظمها حول مفاهيم مشروع وقاية الشباب، ويكفي أن تدخل إلى صفحة الإنترنت وتكتب في محركات البحث “مشروع وقاية الشباب” ستجد مئات بل الآلاف من نشاطات ومحاضرات مشروع وقاية الشباب.
و بفضل الله عددنا الآن زادكثيرا، وبالتالي الإنتاج سيزيد أكثر، وفي النهاية نحن هدفنا – بإذن الله – أن ندرّب مائة ألف محاضر ومحاضرة وألف مدرب على مستوى العالم، بحيث لو أن كل محاضر قدم عشر محاضرات سنويًا فنحن نضمن مليون محاضرة توعوية تثقيفية وقائية سنويا تبث بلغات مختلفة، حيثما يوجد المسلمون، ومن خلال الإعلام تصل إلى باقي العالم،،ولو قام كل مدرب بتنفيذ خمس دورات سنويا؛ لضمنا خمسة آلآف دورة سنويا ولتضاعف عدد المحاضرين والمحاضرات ، وضمنا استمرارية المشروع وتطويره وتحديثه حسب التكنولوجيا التي ستستجد بعدنا.
وتهدف محاضراتنا ودوراتنا في هذا المشروع لتصحيح المفاهيم الخاطئة عند الشباب والشابات التي اكتسبوها – في غفلة منا – من خصومنا وهم لا يشعرون، وتثقيف الشباب لوقايتهم من الوقوع في الرذيلة والزنا والشذوذ والمخدرات وما إلى ذلك، إرضاءً لله أولاً، وحمايةً للشباب المسلم ثانيا، لأن الشباب المسلم هو الثروة الحقيقية للمسلمين في البلاد الإسلامية حيثما كانوا، ليحملوا شعلة ومنارة الإسلام التي هي هدى ورحمة للعالمين ، برؤية علمية طبية إسلامية سليمة، توصل المعلومة والنصيحة الممزوجة بالود و الحب والاحترام.
من الجدير بالذكر أن الدورات التي عقدناها في مختلف أنحاء العالم لم يحضرها الشباب المسلم فقط؛ بل حضرها الشباب المسيحي بل رجال دين مسيحيين وكانوا في منتهى السرور لأنني من خلال الدورات، أتحدث بما ورد على لسان سيدنا المسيح عليه السلام، تمنع وتحرّم الزنا والشذوذ والمخدرات وما إلى ذلك.
فلذلك نطرح الأمر من رؤية دينية، وعلى فكرة يوجد في الغرب بعض الجمعيات التي تكافح الأمراض المنقولة جنسيًا برؤية دينية مسيحية، كما نكافحها نحن برؤية إسلامية.
معروف أن الدكتور عبدالحميد القضاة كثير الترحال للتدريب والتثقيف، خلال أسفارك حدثنا عن 3 مواقف واجهتها: موقف طريف جدًا.. وموقف مؤلم جدًا.. وموقف مفرح جدًا؟
من الأمور الطريفة التي حصلت معي، يومًا ما كنت مدعوا الى أندونيسيا، وفعلا سافرت أنا ومرافقي؛ وعندما وصلنا وجدنا مجموعة من الشباب في استقبالنا بمطار جاكارتا، وقدر الله أن تصل جميع حقائبنا إلا حقيبة واحدة وهي تلك التي فيها أغراضي وملابسي الشخصية. الشباب الذين استقبلونا هم شبابٌ في الجامعات، صغارٌ في السنّ بعمر الورود، وتعلمون أن أهل جنوب شرق آسيا هم إلى حدٍ ما قصار القامة، فبعد أن ثبتنا أن الحقيبة لم تصل؛ قالوا: ستصل مع رحلة الغد إن شاء الله، وستستلمونها من هنا، فذهبنا إلى الفندق، ولا يوجد معي أي ملابس أرتديها للنوم، وكان الوقت متأخرا ليلًا، والمولات والدكاكين كلها مغلقة، ولا نستطيع أن نجد “بيجامة” أو ثوبًا لأنام فيه، ولا يمكن بالطبع أن أنام بالبدلة.
أحد الشباب وهو قصير القامة، قال لي أنا سأذهب لبيتنا القريب وأحضر لك ثوبًا لتلبسه الليلة، وبعد ساعة من الزمن جاء بثوب، وعندما لبسته ضحكنا ضحكًا كثيرًا لأنه كان يصلني إلى “الركبة”، وقد نمت تلك الليلة بثوب شاب قصير، أنا بالنسبة له ورغم قصري عملاق، وهذا من الأمور الطريفة التي أذكرها وقد ضحكنا عليها كثيرًا.
أما القصة الثانية المفرحة جدًا، في يوم من الأيام كنت في عملي الخاص في الأردن هنا، وكانت الساعة تقريبا الثانية ظهرًا، كنت مرهقًا من كثرة العمل ومتعبًا جدًا، وكنت أهمّ لأذهب للبيت لآخذ قسطً من الراحة، وعندما يكون الإنسان متعبًا حقيقة لا يحب أن يكلمه أحد، من شدة الإرهاق والتعب، خاصة أنا أبدأ عملي مبكرًا ، وأنا جاد؛ وآخذ كل شيء بمنتهى الجدية ويأخذ حقه من التدقيق، ولذلك لا أصل إلى الساعة الثانية ظهراً إلا وأنا فعلاً مرهق.
وإذا برجل لا أعرفه، يدخل إلى مكتبي، وسلم عليّ سلاما حارا، وقبّلني على جبيني، وقال: أنت لا تعرفني، ولكن أنا أعرفك جيدًا، وسأذكرك قليلا بنفسي الآن، أنا فلان الفلاني،كنت قد جئتنا قبل 15 عامًا إلى السجن الفلاني عندنا في الأردن، وأعطيتنا محاضرة لن أنساها إطلاقًا ما حييت، خاصة الصور التي عرضتها علينا، وأنا كنت حينها مسجونًا على أمورٍ لا أخلاقية، ومدة سجني ليست بسيطة، وكنت أشكل “قبضاي” على المهجع الذي فيه سجناء آخرين، وكانوا يخشوننيلسوء أخلاقي .
وبعد المحاضرة ، ومن شدة تأثري بها ،عدت إلى المهجع، ووقفت أمام الجميع في المهجع ؛ وأعلنت توبتي إلى الله سبحانه وتعالى، وقلت لهم: من الآن وفورا، سأستحم وأبدأ في الصلاة وأتوب وأبرأ إلى الله من كل ما سبق من تصرفاتي، وقال: فعلا منذ ذلك الحين بدأت الصلاة ومنذ ذلك الحين وأنا في هذه الهيئة التي تراني عليها أطلقت لحيتي وأصبحت من رجال الدعوة ، ومن حُسن أخلاقي التي تبدلت من ناقص كذا وكذا، إلى زائد كذا وكذا ايجابيا، خففوا عليّ مدة السجن، وأخرجوني قبل نهاية المحكومية ،مكافئة لحُسن أخلاقي، وأنا أبحث عنك من ذاك التاريخ، والآن وجدتك لأقبّلك وأشكرك لأن محاضرتك غيرت مجرى حياتي كاملا.
والله عندها لشدة فرحتي، نسيت التعب والإرهاق،واغرورقت عيناي بالدموع، وحمدت الله تبارك وتعالى على هذه النعمة، لأنني أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “لئن يهدين الله بك رجلاً خيرٌ لك من حمر النعم”، وهذا شيء عظيم جدًا أنساني كل الإرهاق الذي كنت أعاني منه وقتها، ومن شدة فرحي بقصته ؛كأنها أعطتني دافعًا للعمل من جديد، وكأنّي الآن أبدأ بالعمل، ولا زلت كلما أذكرها أجد دافعًا كبيرًا لمزيد من العمل والعطاء، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: “ما تصدق الناس بصدقة مثل علمٍ ينشر”، فكيف بالعلم الذي يُبعد الناس عن الحرام ويأتي بهم إلى الحلال، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول أيضا: فطوبى لعبد جعله الله مفتاحًا للخير، مغلاقًا للشر.
وبالتالي عندما نفتح أبواب التوبة والعمل الصحيح والبُعد عن الانحراف، ونغلق أبواب الزنا والشذوذ والمخدرات، هذا أكيد أنه عملٌ يرضاه الله تبارك وتعالى، ونرجوه أن يتقبله منا ومن كل من يشاركنا فيه
وهذا الكلام الذي أقوله – اي عندما جائني الرجل – حصل ربما قبل أكثر من عشر سنوات من الآن،عن محاضرة قبل خمسة عشر عاما، حيث كنت أحاضر قبل مشروع وقاية الشباب في الجيش لأنني خدمت به ومراكز الاصلاح والسجون، وطفت مناطق كثيرة لتوعية الشباب، أما المدارس والجامعات فحدث عنها ولا حرج، حتى عملنا هذا المشروع ؛ لكن عمليًا هذه هي العشر سنوات الأخيرة التي ظهر فيها عمل المشروع محليا وعالميا.
وعندما أذكر هذه القصة للذين أدربهم،أشعر أنها تعطيهم دفعة قوية للمثابرة والعمل، وخاصة عندما أقول لهم: لا تقل لي يا أخي ماذا أستطيع أن أعمل في هذا الجوّ المستهتر، وهذا الانهيار الأخلاقي الرهيب في العالم، ماذا أستطيع أن أعمل وأنا الفرد الوحيد لا سلطات لديّ ولا إمكانيات، أقول له: أبدًا، سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما بنى الكعبة هو وسيدنا إسماعيل ،يُذكر أن الله قال له أذن في الناس بالحج، وكان في مكة التي كلها حجارة سوداء، وليس فيها أحد بذلك الوقت، فقال يا ربي ومن يسمع ندائي، ولم يكن عنده تليفون ولا تليكس ولا إنترنت، فقال الله لإبراهيم:” إنما عليك النداء وعلينا البلاغ”، من الذي لم يسمع بالحج لحد الآن، العالم كله يعرف عن الحج ويعلم بالحج، فشبكات التواصل والإعلام والإنترنت لم تترك أحد لا يعلم عن الحج، فالله تبارك وتعالى هو الذي يتولى الأمور.
سيدتنا مريم العذراء عليها السلام عندما حملت بسيدنا المسيح عليه السلام، بلا رجل بمعجزة عظيمة من الله تبارك وتعالى، وعندما ولدته وتكلم وهو في المهد وأعطاه الله معجزات كثيرة، مع كل هذه المعجزات؛ ألا يستطيع الله تبارك وتعالى أن يُغنيها عن الطعام والشراب، يستطيع بكل سهولة، ولكن لماذا قال لها: “وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا”؛ حتى تأكل وتشرب، وهذا كله تعليم لنا نحن لنأخذ بالأسباب مهما كانت بسيطة،ولله الأمر من قبل ومن بعد.فالأسباب مهما كانت بسيطة، إذا كانت في رضا الله وتقبلها سبحانه يبارك فيها، ولذلك لا أحد يقول أنا ما بقدر أعمل شيء، فكلنا يستطيع فعل أشياء كثيرة جدًا.
أما القصة الثالثة المحزنة جدًا، ففي يوم من الأيام دُعيت إلى المغرب، دعاني أطباء حزب العدالة والتنمية عندهم، وجمعوا مدراء دوائر كثيرة مسؤولة عن الشباب ، وأطباء منطقة مدينة فاس، لأعطيهم محاضرة تحت عنوان ” مشروع وقاية الشباب: لماذا وكيف؟”.
وفعلاً تجمّع عدد كبير من الأطباء وامدراء في قاعة كبيرة بأحد الفنادق، وأعطيتهم المحاضرة ، مدعّمة ب صور الداتا شو والإحصائيات العلمية وآيات القرآن الكريم وأحاديث االرسول صلى الله عليه وسلم، وقلت لهم “إن فلسفة مشروع وقاية الشباب، تقوم على أن العلم المجرد وحده لا يكفي للقضاء على الأمراض المنقولة جنسيا،وإقناع الشباب للإبتعاد عن الزنا والشذوذ، ولو كان العلم وحده يكفي للقضاء على الأمراض المنقولة جنسيا ومنع إنتشارها، وحل مشاكل الشباب لكفى أهل الغرب، لأن عندهم علم كثير، و إمكانيات علمية عظيمة، ولكن للأسف المشكلة أصلاً أكثر وجودها في الغرب رغم ما عندهم من العلم والمعرفة”.
لذلك فلسفتنا في مشروع وقاية الشباب أننا وائمنا بين العلم والإحصائية العلمية وبين الصورة المشوهة المتأثرة بهذه الأمراض، المتهتكة التي تشوهت بسبب الوقوع في الزنا والشذوذ، قمنا بموائمتها مع قول الله عز وجل: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”، وقمنا بموائمتها كذلك مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ظهرت الفاحشة في قومٍ قط يُعمل فيها علانيةً؛ إلاّ ظهر فيهم الوباء، والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم”.
ثم عرضت عليهم ما يُثبت لهم كيف أن “العازل” الذي يعتمده برنامج الأمم المتحدة في مكافحة “الإيدز والأمراض المنقولة جنسيًا” ،لا يحمي من الأمراض المنقولة جنسيًا، ولذلك وزعوا في عامٍ واحد على العالم 4.5 مليار عازل خاصة في مناطق إفريقية، وللأسف في السنة التي تلت ذلك؛ زادت نسبة المصابين بفيروس الإيدز، لأن العازل لا يحمي، وقد رأوا فيديو أثبتُ لهم فيه أن “العازل” لا يمكن أن يحمي كليًا من الأمراض المنقولة جنسيًا، ربما يحمي من بعضها عشرين أو ثلاثين بالمائة، لكن أغلب هذه الجراثيم لا يحمي منها إطلاقا.
لذلك برنامج مكافحة الإيدز في الأمم المتحدة ليس لديه وسائل أخرى أكثر من أنه يوزع العازل على الناس، ومع أن جهودهم الأخرى مشكورة، إلا أن توزيع العازل على الشباب يشجعهم على المزيد من الزنا بسبب وهمهم أنهم محميون.
ولذلك نحن في مشروع وقياية الشباب ضد توزيع العازل للحماية والوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًا، خاصة آن العالم للأسف أقر الشذوذ الجنسي وجعله حقا من حقوق الإنسان، وكأنه أمرٌ عاديٌ جدًا،بل أقر قانونيا بمشروعية زواج الشاذين من بعضهم، وعندما يوزع العازل على الشباب ويمارسوا الشذوذ أو الزنا، فكأنه يشجعهم بطريقة أو بأخرى على الزنا والشذوذ، ويقول الشاب في نفسه ما دمت محميًا بـ “العازل” فلن أقع بهذه الأمراض.
ونحن مهما قال العالم وقالت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز،وزينوا الشذوذ وممارساته، ومهما وضعوا عليه من مكياج الدنيا؛ فلن يُصبح حلالا، لأنه محرم من عند الله تبارك وتعالى، وكذلك الزنا، فنحن نكافح الرذيلة بكل أشكالها،أي أننا نعالج المرض وليس أعراضه.
وعندما أنهيت المحاضرة في فاس حان موعد أذان المغرب، ذهبنا لقاعة أخرى للصلاة، وبعد العودة للنقاش والأسئلة والحوار، كان أول السائلين رجل لا أعرفه، وكان معظم الحضور أطباء ومدراء مراكز ومدراء دوائر مسؤولين عن الشباب، وعرف السائل بنفسه، فقال أنا فلان الفلاني ؛ مسؤول عن 250،000 شابًا في منطقتي، وأنا سأشكوكم أيها الأطباء إلى الله، لأنكم لم تعلموني أن العازل لا يقي، وأنه يشجع الشباب في النهاية على الزنا.
وأضاف أنا كنت مسؤولاً عن توزيع “العازل” على الشباب في منطقتي، وكنت أظن أن هذا يخدم ديني ويخدم بلدي، لمنع الأمراض المنقولة جنسيًا من الانتشار، وأخذ يبكي، فوالله كلماته التي خرجت من قلبه، إنها أبكت الكثيرين من الحضور.
وقال: أنا عندما ذهبتم للصلاة تركتكم وذهبت لمكتبي وأصدرت أمرًا فوريًا بتوقيف استعمال وتوزيع العازل لأني اقتنعت بالكلام الذي طُرح بالمحاضرة، وأنا سأشكوكم إلى الله أيها الأطباء، لأنكم لم تعرفوني ولم تعلموني بذلك، فكان كلامه مؤثرًا جدًا، وتأثرت به، لأن كلامه كان صادقًا، وهذه من القصص الكثيرة التي أثرت بنفسي،واشعرتني كم نحن مقصرون بالتوعية والتثقيف الوقائي العام ، خاصة فيما يخص الممارسات المنبثقة عن مفاهيم خاطئة، وهناك قصصٌ كثيرةٌ مثلها ،لا يتسع المقام لذكرها.
داء العصر الذي ليس له علاج (مرض الإيدز) وغيره من الأمراض المنقولة جنسيًا… يبدو أن لغة الأرقام أكثر تأثيرًا من مجرد التحذيرات.. هل هناك إحصائيات في الأردن والبلاد العربية والإسلامية حول هذه الأمراض ومدى انتشارها، وهل تتعامل معها الجهات الرسمية والمعنية بطريقة ملائمة في مجالات التوعية والوقاية والمحاصرة للحالات المصابة ومنع انتقال العدوى؟
الإحصائيات الموجودة في الكتب والنشرات والمتحصلة بين أيدينا تتكلم عن الأمراض المنقولة جنسيًا في العالم، فمنظمة الصحة العالمية قبل شهر أصدرت مجموعة من الحقائق، تقول إنه في كل يوم يُصاب أكثر من مليون إنسان بأحد الأمراض المنقولة جنسيًا، وهذا يعني أنه في الحد الأدنى يُصاب سنويًا بأحد الأمراض المنقولة جنسيًا (365) مليون شخص على مستوى العالم.
والحقيقة أن هناك إحصائية تحدثت عن 499 مليون إصابة بالأمراض المنقولة جنسيا في سنة سابقة على مستوى العالم، والغرب يوجد فيه أبحاث ومراكز خاصة بهذه الأمراض كثيرة ، و لديهم إهتمام كبير جدا بهذه الأمراض ،ولذلك الأرقام الصادرة عنها موضوعية وربما أقرب ما تكون للحقيقة.
لكن في بلادنا العربية والإسلامية الأرقام ليست دقيقة، كما ظهر لي، وذلك لإحجام الناس عن التقدم لفحص أنفسهم، وبالتالي وزارات الصحة عندنا لا تُحصي إلا من يأتي إليهم ويتم تشخيصه، لكن كثيرين لا يأتون لسبب أو لآخر، ربما يخجلون أن يفضحوا أنفسهم،لأنهم اكتسبوها بسبب ممارساتهم المحرمة.
لذلك الإحصائيات في الدول العربية والإسلامية ليست دقيقة، علمًا أننا في الدول العربية رغم ما عندنا من مواخير، ورغم ما عندنا من ملاهٍ ليلية، فنحن لسنا بلادًا للأمراض المنقولة جنسيًا والأيدز، خاصة في الأردن، فرغم ما عندنا من ملاهٍ ليلية ومن انحرافات أخلاقية سيئة جدًا لا نرضاها لشبابنا؛ إلا أن عدد المصابين بالإيدز خاصة والأمراض المنقولة جنسيًا قليل جدًا، لأننا ولله الحمد لا زلنا بلد محافظ.
كما أن وزارة الصحة لديها وحدة خاصة للإيدز بالذات، وتقوم بعملها على أتمّ وجه، كعمل تشخيصي علاجي إحصائي، وقد نشرت قبل أقل من شهر إحصائية بإحدى الصحف المحلية، وأظهرت أن معظم المصابين الذين يُكتشفون في بلادنا هم من الوافدين، وعندما تُكتشف الإصابة يتم تسفيرها إلى بلادها. أما المصابون بفيروس الأيدز المحليون؛ فوزارة الصحة متكفلة بتقديم العلاج والإرشادات وكيفية التعامل مع من حوله،والإرشادات ليست له فقط بل له ولأهله لمنع إنتشار الفيروس منه لغيره.
أمّا التوعية والتثقيف الوقائي بشكل عام ، فأنا أراه ضعيفا في بلدنا، خاصة من الجسم الطبي بشكل عام، ورغم أن وزارة الصحة مكلفة بذلك،إلا أن الجميع يجب أن يقوم بواجبه، حول ارتباط إنتشار الأمراض المنقولة جنسيًا بإنهيار الأخلاق والإبتعاد عن أوامر الله تبارك وتعالى، ولذلك المربي والمعلم والخطيب والشيخ مطلوب منه ذلك بنفس القدر المطلوب من الطبيب.
و نحن في مشروع وقاية الشباب نرفد جهودهم ونضع كتفًا حقيقيًا مع كل الجهود الرسمية لمكافحة مثل هذه الأفات، برؤية إسلامية ، وثقافة عامّة تتناسب مع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا في هذا البلد المسلم.
كيف يمكن للراغبين بتلقي التدريب الالتحاق بمشاريعكم؟
في الحقيقة، نحن نرحب بأي إنسان يرغب بالحصول على خدماتنا المجانية، ومستعدون أن نأتيه إلى بلده، شرط أن يكون العدد مناسبًا من 30 إلى 40 شخصًا، ونعقد لهم في مشروع وقاية الشباب مجموعة كبيرة من المحاضرات أو الدورات ،بعناوين مختلفة ،ونقدم لهم كذلك الكتب المناسبة .
فمشروع الوقاية يقدم دورة في الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًا وهذه لها ثلاثة مستويات، وأخرى في التثقيف الجنسي الآمن للأبناء في ضوء الشريعة الإسلامية، ودورة في وقاية الشباب من الإدمان على المواقع الإباحية، ودورة في وقاية الأطفال من التحرش الجنسي، ودورة لليافعين “نحو بلوغٍ آمن”، والدورة الصحية الوقائية للمقبلين على الزواج… الخ.
هذه المستويات الأولى التي نقدمها في دوراتنا، وتكون مدة الدورة يوم أو يومان أو أربعة أيام، حسب نوعها وعنوانها، ونرحب بكل أب و أم وكل معلم و معلمة وكل مربي وكل مدير مركز أو مديرة مركز شبابي، وفي أي مكان يجتمع عدد مناسب، يذهب أحد المتطوعين الجاهزين للقيام بالعمل المطلوب.
ونحن في مشروع وقاية الشباب لا نكلف الراغبين بالاستفادة من دوراتنا شيئًا، فنعطيهم الكتب، ونعطيهم السيديهات ونعطيهم صورًا وإحصائيات، ونعطيهم محاضرات، ثم يكون أحدهم مؤهلاً، وأكثر المتدربين تأهيلا على الإطلاق هو الذي يأخذ كل الدورات ويصبح مدربًا، ويصبح لديه الكثير من المعلومات الثرية جدًا بالأرقام والأدبيات والكتب التي تصل لـ 34 كتابًا، حتى يرجع لها، ثم حسب تخصصه ومن خلال القصص التي يراها ويسمعها والأسئلة التي يطرحها عليه الناس واختلاطه أثناء التدريب يصبح فعلاً مدربًا متمكنا.
ويوجد في مشروع وقاية الشباب عدد كبير من المدربين، وليس على الراغبين بالالتحاق بالمشروع سوى أن يتصلوا بنا عبر موقعنا (www.qudah.com) ، أو مراسلتنا على صفحتنا في مشروع وقاية الشباب على مواقع التواصل، كما أن بإمكانهم ترك أرقام هواتفهم ونحن نتصل بهم، وعندما يتجمع عدد معين في منطقة ما، نقوم بالإعلان أنه سيكون فيه دورة لإعداد المحاضرين، والحضور يجب أن يكون من عمر 20 عامًا فصاعدًا، أما الدورات التي أقل مستوى منها فهي مفتوحة لطلاب الثانوي وطلاب الجامعات، ونحن نرحب بالجميع ولدينا أعدادٌ كبيرةٌ من المتطوعين ينتظرون ذلك، فأهلاً وسهلاً بأي متطوع معنا، هذه دوراتنا وكل شيء فيها مجانًا لوجه الله تبارك وتعالى.
ما هي الأدوار التي يجب أن تضطلع بها مختلف المؤسسات والمحاضن التربوية في توعية النشأ والجيل القادم وتحصينهم وخاصة “المسجد”؟
إن دور المسجد كبير جدًا، لكن نحن للأسف في مشروع وقاية الشباب من الأمراض المنقولة جنسيا، ليس مرحبًا بنا لنقوم بهذه الدورات في المساجد وملحقاتها،وقد قابلت أكثر من وزير للاوقاف على مدى السنوات السابقة لتدريب الأئمة والوعاظ، ولكنهم لم يتفاعلوا معنا إطلاقا،
وأنا مجبرٌ الآن على قول شيء لم أكن أنوي إثارته من قبل، فأنا راجعت وزراء الأوقاف وتحدثت إلى ثلاثة أو أربعة منهم، وأرسلت لهم حقيبة من الكتب بمشروع وقاية الشباب مرفقا بـ “سي دي” عن المشروع، وشرحت لهم شخصيًا عن المشروع، وكذلك تواصلت مع أكثر من وزير تربية وتعليم، فضلاً عن وزراء الأوقاف، ووصل الأمر إلى أحد رؤساء الوزراء وسلم ذلك له باليد، كما تواصلت مع وزارة الشباب أيضًا.
ولكنّهم لم يعيرونا أي نوعٍ من الانتباه للأسف الشديد، على الرغم من أننا قدمنا لهم خدمات مشروعنا كمتطوعين، وقلنا لهم: لا نريد منكم شيئًا ولا نريد منكم جزاء ولا شكورًا، ونقدم لكم مجانا الكتب والمحاضرات والدورات، ولكن امنحونا فرصة لنصل للشباب، وللأئمة والوعاظ، وللطلاب، ولمدراء المراكز، ولكنّهم لم يولونا أي نوع من أنواع الاهتمام.
وهذه ساحاججهم بها عندما نلتقي عند العزيز الجبار، لأنهم لم يعطونا أي نوع من أنواع الفرص، للقيام بهذا الواجب تجاه بلدنا الحبيب.
بناء على ذلك أنا قدمت رسالتي “نداء.. نداء.. نداء” بعد أن تعبنا من مراجعة الوزراء في بلدنا الحبيب للقيام بهذا الواجب، الآن أقدم هذا النداء للآباء والأمهات، وأيضَا لكل واحدٍ في بيته أن يربي أبناءه ويحافظ عليهم لأنهم في خطر حقيقي، وإن كان تجاوب الناس مع النداء جيدًا، إلا أننا مع الأسف لم نحصل على أي استجابة من المستوى الرسمي.
ما هي الرسالة التي يوجهها الدكتور عبدالحميد القضاة في نهاية هذا اللقاء للفرد والأسرة والمجتمع؟
إن الله سبحانه تبارك وتعالى لن يحاسبنا يوم القيامة إذا لم نحضر لأبنائنا جهاز كمبيوتر أو هاتفًا ذكيًا، ولكنه سيسألنا هل ربيناهم تربية سليمة، وعلمناهم القرآن وآدابه وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكيفية التصرف على ضوئها.
ما أريده من كل أبٍ وكل أم، ومن معلمي الروضات والابتدائي والمعلمين بشكلٍ عام أن يركزوا على حُسن تربية الأبناء في الصغر، وكذلك الإعلام له دوره الذي يجب أن يقوم به، لأن التربية أمر تكاملي.
وأركز على تربية الأبناء في الصغر، لأن أهم السنوات لتطوير ملامح شخصية الطفل هي الست سنوات الأولى، فإذا وضعنا بذور التربية بشكل صحيح، وربيناهم بشكلٍ سليم، فإننا سنحصد شبابًا منتمين لدينهم وثوابت أمتهم ، يحبون بلادهم واوطانهم، ويبذلون دونها الغالي والنفيس.
(البوصلة)